سبب نزول سورتي الفلق والناس

سبب نزول سورتي الفلق والناس

تُعد سورتي الفلق والناس من السور القصيرة التي تعد من السور المكية التي نزلت في مكة المكرمة. وعلى الرغم من قصر آياتهما، إلا أن لهما مكانة عظيمة في الإسلام، فهما من السور التي تقرأ في الكثير من المناسبات وفي حالات طلب الحماية واللجوء إلى الله. وتعد هاتان السورتان من أعظم ما يقرأ المسلم ليحتمي به من الشرور، سواء كانت شروراً نفسية أو جسمانية أو شروراً من الشيطان وأعوانه.

سورة الفلق:

سورة الفلق هي السورة رقم 113 في القرآن الكريم، وتُعد من السور المكية، أي أنها نزلت في مكة المكرمة، وهي من السور التي تحمل في طياتها دعاءً مهمًا في طلب الحماية من العديد من الشرور التي قد تلاحق الإنسان في حياته.

سبب نزول سورة الفلق:

لقد ورد في أسباب نزول سورة الفلق العديد من الروايات التي تفسر سبب نزول هذه السورة. في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: *”أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: «قل أعوذ برب الفلق»، وهذه السورة نزلت لتكون دعاءً من المسلم يلجأ فيه إلى الله سبحانه وتعالى ليحميه من الشرور، سواء كانت في الليل أو النهار، من شرور الخلق أو من شرور النفس.

وقد ورد في بعض التفسير أن هذه السورة نزلت بسبب تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لأذى السحرة. فقد كانت هناك قصة مشهورة عن شخص يُدعى “لبيد بن الأعصم” الذي قام بسحر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وقع هذا السحر بسبب دسائس بعض أعداء الإسلام الذين سعوا للإضرار بالنبي صلى الله عليه وسلم. وقد استخدم لبيد بن الأعصم خيوطًا وشعراً وفُتاتًا من المسامير المدفونة في بئر، وأُصيب النبي صلى الله عليه وسلم بأعراض غريبة نتيجة لذلك.

ووفقاً لهذه القصة، نزلت السورة لتحصن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا السحر وأيضًا لتحصن المسلمين من مثل هذا الأذى. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأها كلما شعر بألم أو تعب نتيجة للسحر الذي وقع عليه، وهي تُعد من السور التي تُقرَأ لحماية النفس من العين والحسد والسحر.

إن السورة تُعلّم المسلم كيف يلتجئ إلى الله ويطلب منه الحماية من هذه الشرور، وتذكر أن الله هو رب الفلق، أي هو الذي يخلق الفجر ويُزيل الظلمات ويُفرج الهموم. وقد وصف الله في السورة كيفية حماية النفس من الشرور التي يمكن أن تصيب الإنسان، فبذلك يتحقق للمسلم الأمان والطمأنينة.

موضوع السورة:

سورة الفلق تتألف من خمس آيات فقط، ومع ذلك فإنها تحمل في مضمونها أبعادًا عميقة. فقد جاء فيها:

1. الاستعاذة بالله من شرور الكون: بدأ الله سبحانه وتعالى السورة بقوله: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ” ليعلم المؤمن أن الله سبحانه هو الذي يملك القدرة على حماية الإنسان من جميع الشرور.

2. التحصن من الشرور: تتناول السورة الحماية من عدة أنواع من الشرور مثل:

   • شر ما خلق: وهي دعوة لطلب الحماية من جميع أنواع الشرور التي تحدث بسبب مخلوقات الله في الكون، سواء كانت شرورًا بيئية أو اجتماعية أو نفسية.

   • شر الظلمات: تشير إلى الحماية من شر الليل وظلامه، الذي قد يكون مرادًا به السحر والشرور الخفية.

   • شر النفاثات في العقد: تُشير إلى السحر الذي يخلقه بعض الناس، إذ كانوا يعقدون الخيوط ويأخذون منها آثارًا للسحر، وهذا ما يعكس محاولة البعض للإضرار بالآخرين.

   • شر حاسد إذا حسد: إشارة إلى الحسد الذي قد يصيب الإنسان من أقرانه، وهو أمر شائع في حياة الناس، ويجب على المسلم أن يحتمي بالله منه.

سورة الناس:

سورة الناس هي السورة الأخيرة في القرآن الكريم، وهي السورة رقم 114، وهي من السور المكية أيضًا. تعتبر هذه السورة مكملة للسورة السابقة (سورة الفلق)؛ لأنها تركز على استعاذة المسلم بالله من شرور الجن والإنس.

سبب نزول سورة الناس:

كما هو الحال مع سورة الفلق، فقد نزلت سورة الناس لتُعلم المسلم كيفية الاحتماء بالله من شرور الشياطين والجن والإنس. ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تعرض للسحر كما ذكرنا سابقًا، وحدث أن جاءه جبريل عليه السلام مع هذه السورة ليعلمه كيفية طلب الحماية من هذه الشرور التي قد تصيب الإنسان في حياته.

وقد ورد عن بعض المفسرين أن السورة نزلت بعد أن أصاب النبي صلى الله عليه وسلم ما أصابه من السحر، فكانت هذه السورة بمثابة العلاج الروحي، حيث تحتوي على طلب الحماية من شر الوساوس التي قد يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، سواء كانت هذه الوساوس من الجن أو من بعض البشر.

لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعاذني الله من شر الشيطان الرجيم، ومن وساوسه التي تسلط على قلب الإنسان.” ولهذا تُعد سورة الناس من أرقى السور التي يستخدمها المسلم في طلب الحماية من الشرور التي تحدث بسبب الشيطان وأعوانه.

موضوع السورة:

تتألف سورة الناس من ست آيات، وهي تركز على طلب الحماية من ثلاث شرور رئيسية:

1. الاستعاذة بالله: تبدأ السورة بالاستعاذة بالله من شر الوسواس الخناس، وهو الشيطان الذي يوسوس في قلب الإنسان ليجعله يرتكب المعاصي.

2. الوسواس الخناس: يشير إلى الشيطان الذي يبتعد عن الإنسان في حالات التذكر والتقوى، ولكنه يوسوس له عندما يغفل عن ذكر الله. وفي هذا تذكير للمؤمنين بأن الشيطان يتربص بهم في لحظات ضعفهم.

3. من شر الجن والإنس: تتضمن السورة استعاذة بالله من الشرور التي قد تأتي من الجن أو من البشر. وهذا يُظهر أن الشر لا يقتصر على فئة معينة بل يمكن أن يأتي من أي جانب.

الربط بين السورتين:

الربط بين سورتي الفلق والناس يظهر في أن كليهما يركز على الاستعاذة بالله من الشرور التي قد تواجه الإنسان في حياته. في حين أن سورة الفلق تتحدث عن الشرور الطبيعية مثل الظلمات والسحر، فإن سورة الناس تركز على الحماية من الشرور الخفية مثل الوساوس الشيطانية والأذى الذي قد يلحقه الإنسان من الجن أو من بعض الناس.